مفتاح فن الحوار والإصغاء الفعّال
بقلم: أمل الكناني
في بيئة العمل الديناميكية، تُعد القدرة على التواصل بفعالية – حوارًا وإنصاتًا – حجر الزاوية لبناء علاقات قوية، وحل النزاعات بسلاسة، وتعزيز التفاهم المتبادل. إن إتقان إتيكيت الحوار والإصغاء ليس مجرد مهارة إضافية، بل هو ضرورة أساسية للنجاح المهني وخلق بيئة عمل إيجابية ومحترمة.
يساعدنا فن الحوار البنّاء على التعبير عن أفكارنا بوضوح واحترام، بينما يمكّننا الإنصات الفعّال من فهم وجهات نظر الآخرين بعمق وتجنب سوء الفهم، تابع هذا المقال من إرساء للإستشارات وتعرف على أهم مفاتيح فن الحوار الفعال
بناء الجسور من خلال فن الحوار والتواصل الفعّال:
سنستعرض أهم مبادئ وأساليب الحوار البنّاء والإنصات الفعّال، لتزويدك بأدوات عملية تُحدث فرقًا حقيقيًا في تفاعلاتك اليومية.
إتيكيت فن الحوار البنّاء – تحويل الخلاف إلى تفاهم
قد تكون النقاشات الحادة أمرًا لا مفر منه أحيانًا، ولكن الطريقة التي نتعامل بها معها يمكن أن تغير مسارها بالكامل، الهدف هو الانتقال من المواجهة إلى التعاون، ومن الدفاعية إلى التفاهم. إليك بعض المبادئ والعبارات المفتاحية في فن الحوار لتحقيق ذلك:
- ابحث عن أرضية مشتركة: حتى في خضم الاختلاف، حاول أن تبدأ بالاتفاق على نقطة ما، مهما كانت صغيرة. قول: “أنا أتفق على أن هذا موضوع مهم.” يمكن أن يكسر الحواجز فورًا ويحوّل النبرة من المعارضة إلى البحث المشترك عن حل.
- أظهر التفهم والاعتراف بوجهة النظر الأخرى: غالبًا ما يتخذ الأشخاص موقفًا دفاعيًا عندما يشعرون بأنهم غير مسموعين أو مفهومين، عبارة بسيطة مثل: “أتفهم وجهة نظرك.” تُقر بمشاعرهم وتجاربهم دون الحاجة إلى الموافقة أو الاختلاف، مما يفتح الباب لحوار أكثر صدقًا وانفتاحًا وهذه اهم قاعدة في إتيكيت الحوار.
- اسأل لتفهم، لا تفترض النوايا: بدلًا من القفز إلى استنتاجات حول دوافع الآخرين، استخدم الأسئلة لاستكشاف وجهات نظرهم. سؤال مثل: “هل يمكنك مساعدتي في فهم وجهة نظرك حول هذا؟” ينقل المحادثة بلطف من موقف “أنا ضدك” إلى “نحن نحاول الفهم معًا” وتعتبر من اهم قواعد لغة التواصل المهني
- قدّر مساهمات الآخرين: عندما يقدم شخص ما معلومة أو رأيًا، حتى لو كنت لا تتفق معه تمامًا، فإن الاعتراف بقيمة مدخلاته يمكن أن يغير ديناميكية الحوار. عبارة مثل: “من المفيد معرفة ذلك. يعطيني منظورًا أفضل.” تجعل الطرف الآخر يشعر بأنه يساهم بشكل إيجابي بدلاً من الشعور بأنه في موقف دفاعي.
- ركز على الحلول، لا على اللوم: عندما يشعر الأفراد بأنهم يتعرضون للهجوم أو اللوم، فإنهم ينغلقون تلقائيًا. لتجنب ذلك، وجّه المحادثة نحو المستقبل والحلول. يمكنك القول: “ليس قصدي الانتقاد، بل إيجاد حل.” هذا يعيد توجيه التركيز من الماضي والمشكلة إلى المستقبل والتعاون لحل المشكلة.
- استخدم لغة “نحن” لتعزيز الشراكة: استبدال “أنا” و”أنت” بـ “نحن” يخلق شعورًا بالعمل الجماعي والهدف المشترك. عبارة مثل: “دعونا نحل هذا معًا.” تبني إحساسًا بالشراكة وتزيل الشعور بالمعارضة.
- اعترف بأنك لا تملك كل الإجابات: إظهار بعض التواضع والاعتراف بأنك قد تكون أغفلت شيئًا ما يجعلك تبدو أكثر ودًا ويشجع الطرف الآخر على المشاركة البنّاءة. جرب قول: “قد أكون أغفل شيئًا ما. ما رأيك؟” هذا يزيل “الأنا” من المعادلة ويدعو إلى حوار مفتوح وتعاوني.
إتيكيت الإنصات الفعّال
الإنصات لا يعني مجرد السماع، بل هو عملية نشطة تتطلب تركيزًا وجهدًا لفهم الرسالة الكامنة وراء الكلمات. إليك أهم مبادئ الإنصات الفعّال وما يجب تجنبه:
- امنح تركيزك الكامل: تجنب الانشغال بتجهيز ردك أو أداء مهام أخرى أثناء حديث المتحدث. أظهر اهتمامك من خلال لغة جسد منتبهة (تواصل بصري، إيماءات مناسبة) وامنح المتحدث كامل تركيزك الذهني لتستوعب رسالته بعمق لأن ذلك يترك لك إنطباع أول مميزز
. تذكر أن الدماغ البشري يجد صعوبة في معالجة مهمتين لفظيتين بكفاءة في نفس الوقت.
- شجع على التوسع بدلًا من المقاطعة بالحلول: قاوم الرغبة في مقاطعة المتحدث لتقديم نصائح أو حلول مبكرة. بدلًا من ذلك، اطرح أسئلة مفتوحة مثل: “هل يمكنك أن تشرح لي أكثر؟” أو “هل يمكنك إخباري المزيد؟”. هذا يشجع المتحدث على مشاركة المزيد من التفاصيل ويعزز الفهم المتبادل قبل القفز إلى النتائج.
- أكّد فهمك من خلال إعادة الصياغة: بدلًا من هز الرأس بشكل تلقائي، أعد صياغة النقاط الرئيسية التي ذكرها المتحدث أو لخصها بكلماتك الخاصة. هذا يظهر أنك تستمع بفعالية ويمنح المتحدث فرصة لتصحيح أي سوء فهم قد يكون لديك.
- استفسر لتوضيح الغموض بدلًا من الافتراض: لا تتردد في طلب التوضيح عند وجود نقاط غير واضحة. استخدم عبارات محايدة مثل: “ساعدني على فهم…” لتشجيع المتحدث على تقديم مزيد من التفاصيل دون الشعور بأنه قيد التحقيق.
- توقف وفكر قبل الرد: تجنب التسرع في الرد فور انتهاء المتحدث من كلامه. امنح نفسك لحظات للتفكير واستيعاب ما قيل بالكامل قبل صياغة رد مدروس.
- افهم المشكلة أولاً، ثم فكر في الحلول: لا تركز على إيجاد حلول قبل أن تتأكد من فهمك الكامل للمشكلة أو الموقف من وجهة نظر المتحدث. محاولة حل المشكلات قبل فهمها جيدًا قد يؤدي إلى حلول غير فعالة.
- انتبه لما هو أبعد من الكلمات: لا تركز فقط على الحقائق والكلمات المنطوقة. انتبه جيدًا للإشارات غير اللفظية مثل نبرة الصوت، تعابير الوجه، ولغة الجسد، فهي غالبًا ما تكشف عن مشاعر ومعلومات قيمة قد لا يُعبّر عنها بالكلمات.
خاتمة: التواصل كرحلة مستمرة
إن إتقان فن الحوار البنّاء والإنصات الفعّال هو رحلة مستمرة تتطلب ممارسة ووعيًا ذاتيًا. من خلال تطبيق هذه المبادئ واستخدام العبارات والأساليب المقترحة، يمكنك تحسين جودة تفاعلاتك المهنية بشكل كبير، وبناء علاقات أقوى قائمة على الاحترام والتفاهم المتبادل، والمساهمة في خلق بيئة عمل أكثر تعاونًا وإيجابية. ابدأ اليوم بتطبيق خطوة واحدة صغيرة، ولاحظ الفرق الذي يمكن أن تحدثه في تواصلك.